للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الأسباب أيضا: إساءة الظن بالعلماء من جهة وبالولاة والأمراء من جهة أخرى: فينظرون إلى تصرفات الأمير ويحملونها على أسوأ المحامل ثم يحكمون عليه بأهوائهم بالبدعة أو الكفر والعياذ بالله، ويترتب على هذا عندهم جواز الخروج ووجوب إنكار المنكر بالقوة، وينظرون إلى أن العلماء ساكتون عن المنكر مداهنون للسلطان فيضلونهم ولا يقبلون كلامهم، فيبقى الشاب بعد ذلك بلا خطام ولا زمام فلا أمير يسمع له ويطيع ويسير تحت قيادته، ولا عالم يثق فيه ويأخذ من علمه ويقبل توجيهه، فتتلقفه أيدي المفسدين من أعداء الدين ويستغلونه في تحقيق مآربهم ضد أمة الإسلام باسم الدين، وهذا الأمر لم يكن في وقتنا هذا وليس هو وليد العصر، بل حصل منذ عهد الخليفة الراشد ذي النورين أحد المبشرين بالجنة إمام المسلمين في وقته وأفضلهم في زمانه عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد عاب عليه سفهاء الأحلام بعض تصرفاته في الحكم واستحلوا دمه، ولم يقبلوا من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علماء وقتهم، لم يقبلوا توجيههم ونصحهم، فقتلوا خير البشر في زمانه رضي الله عنه وأرضاه ووضعوا السيف وكانت بسببهم الفتنة بين أهل الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون.