للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثاني: حكم الرجوع في الهبة وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: حكم الرجوع فيها في حال الصحة قبل القبض:

هذه المسألة من ثمار الخلاف في المسألتين السابقتين وهما: حكم قبض الهبة، والوقت الذي تملك فيه، ولكن في نظري أن الخلاف فيها ضعيف، وأنه ينبغي أن تكون المسألة اتفاقية في الجواز؛ ذلك لأن الجميع متفقون على أن نفاذ أي تصرف متوقف على الإقباض، كما أنه من حيث الواقع لا يدخل تحت الرجوع بمعناه الاصطلاحي الخاص، فهو ليس رجوعا في العقد وإنما هو رجوع عن إبرام العقد، يقول شيخ الإسلام- رحمه الله - (١): (التحقيق أن يقال في هذه العقود إذا لم يحصل القبض فلا عقد، وإن كان بعض الفقهاء، يقول بطل العقد، فكما يقال إذا لم يقبل المخاطب بطل الإيجاب، فهذا بطلان ما لم يتم لا بطلان ما تم).

ومع ذلك فإنه يمكن أن نلمح للفقهاء في هذه المسألة قولين:

القول الأول: أنه يجوز الرجوع في الهبة قبل القبض، وأن الأمر راجع إلى الواهب إن شاء أجاز العقد وأقبض وإن شاء رجع، وهذا قول الجمهور، فهو مذهب الحنفية (٢) والشافعية (٣)،


(١) انظر قواعد ابن رجب ١/ ٣٥٧.
(٢) انظر: البناية على الهداية ٩/ ٢٢٧، وحاشية ابن عابدين ٨/ ٤٨٩، وفتح القدير ٩/ ٣٩.
(٣) انظر: التهذيب ٤/ ٥٢٧، والبيان ٨/ ١١٦، والحاوي ٩/ ٤١٤.