للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحنابلة، وهو قول للمالكية حكاه جماعة عن الإمام مالك، لكن قالوا: إنه شاذ (١).

أدلة هذا القول:

استدلوا بأدلة سبق سياق بعضها في المسألتين السابقتين في افتقار الهبة إلى القبض مما هو كالإجماع من الصحابة - رضي الله عنهم - فيما ورد عن أبي بكر وعمر وعلي وغيرهم- رضي الله عنهم - (٢)، وما سبق في الوقت الذي تملك فيه.

ومن الأدلة أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه (٣)». والرجوع في الموهوب إنما يكون في حق الأعيان دون الأقوال (٤)، والهبة قبل القبض رجوع في قول فلا يدخل في هذا الحديث؛ لأن عقد الهبة لم يتم (٥).

ويمكن أن يستدل لذلك أيضا: بأن عقد الهبة من عقد التبرعات التي لا تلزم باتفاق، وإلزام المتبرع بقوله الصادر منه مصير إلى اللزوم دون


(١) انظر: مواهب الجليل ٦/ ٥٤ - ٥٥، والذخيرة ٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) انظر ص (١١٩).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) انظر البناية شرح الهداية ٩/ ٢٢٧.
(٥) انظر: كشاف القناع ٤/ ٣٠١.