للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مكانته العلمية]

نشأ ابن تيمية، ومخايل الذكاء، وسيماء النجابة بادية عليه منذ حداثة سنه، وأعانه الله على حب العلم؛ لأنه ترعرع في بيت علم، فختم القرآن صغيرا، ثم أقبل على الفقه والحديث، وقد أعجب به شيوخه في قوة الحافظة والنباهة، ولقد وصفه كل من ترجم لحياته بصفات تدل على مكانته العلمية، حيث جمع كثيرا من العلوم، وتبحر فيها، فهو مفسر وفقيه، وهو أصولي ومحدث، وهو ماهر في الحوار والجدل، وهو مفحم للفلاسفة في جداله معهم؛ لسعة مداركه في علم المنطق.

وكبرهان على ما منحه الله من حافظة نادرة، فقد روي أن أول كتاب حفظه في الحديث وهو لا يزال صغيرا، كتاب (الجمع بين الصحيحين) للحميدي، كما قال الشيخ الحافظ سراج الدين أبو حفص عمر.

وعلى مشاهير عصره - في جميع الفنون - تتلمذ ابن تيمية، حيث قال ابن قدامة حسبما قال الإمام مرعي بن يوسف الحنبلي المتوفى عام ١٠٣٣ هـ، في كتابه: (الكواكب الدرية في مناقب الإمام المجتهد ابن تيمية): وشيوخ ابن تيمية الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، وسمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته: معجم الطبراني الكبير، وعني بالحديث، وقرأ ونسخ وانتقى، وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ في العربية، وأخذ بكامل كتاب سيبويه حتى فهمه، وبرع في النحو، وأقبل على التفسير إقبالا كليا، حتى حاز قصب السبق، وأحكم أصول الفقه، وغير ذلك.

هذا كله وهو - بعد - ابن بضع عشرة سنة، فانبهر الفضلاء من فرط