للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ب) اجتماع القطع والضمان على السارق:

يقول الله عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١).

ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد (٢)». فالآية الكريمة أظهرت جزاء السارق، وأنه القطع، دون التعرض للمسروق، هل يرد إلى المسروق منه أو لا يرد؟ ولكن الحديث بين أن السارق غير ضامن، بعد إقامة الحد عليه، فما هو موقف العلماء من هذه المسألة، على ضوء الآية الكريمة والحديث الشريف؟

من المتفق عليه بين العلماء أن الواجب في حق السارق القطع، من حيث هو جناية، والغرم إذا لم يجب القطع، واتفقوا أيضا على رد المسروق بعد إقامة الحد، إذا كان باقيا غير مستهلك.

ولكنهم اختلفوا في حكم اجتماع القطع والضمان إذا كان المسروق تالفا، بهلاك أو استهلاك.

فذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجتمع قطع وغرم، في حد السرقة إذا لم تكن العين المسروقة قائمة عنده، وهو قول الثوري وابن أبي ليلى وعطاء


(١) سورة المائدة الآية ٣٨
(٢) أخرجه النسائي في كتاب قطع السارق، باب تعليق يد السارق في عنقه، جـ٨ ص٩٣، وقال: هذا مرسل وليس بثابت. والبيهقي في الحدود جـ٨ ص٢٧٧ وقال: هذا حديث مختلف فيه، وقال: فهو منقطع.