لقد تألق نجم زيد بن ثابت في المدينة، وعمل بفتاواه أهلها، وأصبحوا يرون رأيه هو الرأي، وما عداه هو دونه، بل صاروا لا يتورعون عن التشنيع بمن يرد رأيه، فقد روى سليمان بن يسار أن زيد بن ثابت كان يقول: إذا طلق الرجل زوجته واحدة أو اثنتين فرأت أول قطرة من حيضتها الثالثة فلا رجعة له عليها، فرددت ذلك من قوله، فشنعني أهل المدينة فقالوا: هذا يرد على زيد بن ثابت، فسألت علماء أهل المدينة رجلا رجلا فأثبتوا أن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء كانوا يجعلون له الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة (١). .
من ذلك نرى أنه رغم وجود اجتهاد آخر من صحابة أجلاء كعمر ومعاذ وأبي الدرداء يخالف اجتهاد زيد بن ثابت في هذه المسألة، فإن أهل المدينة، لم يقبلوا بقولهم بديلا عن قول زيد وعملهم بقوله، وهذه مرتبة من الثقة بعلم زيد لا تبلغ بيسر ولا سهولة.