للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرصافة]

تقع الرصافة على بعد ثلاثين كيلومترا من مدينة (الرقة) في شمال سورية على الفرات, وقد كان لها تاريخ عريق عبر العصور, فسمّيت بعهد الآشوريين في القرن التاسع قبل الميلاد: ( RASAPPA) , ثم تنازع عليها اليونان والفرس, وأضحت لها قلاع منيعة تحميها من غزوات الساسانيين قبل أن تصبح من المدن التابعة لمملكة (تدمر) , وبما أنها تبعد فقط خمسة وسبعين كيلومترا عن (قصر الحير) الشرقي احتلها العرب الغساسنة لأهمية موقعها, وسوّروها معتبرين أنفسهم ورثة للأنباط, ثم تحالفوا مع البيزنطيين لحمايتها من غزوات الساسانيين. وإذا كان ينسب إلى (الحارث الثاني) بترميم الأسوار, وتشييد كاتدرائية كبيرة في الرصافة في العصر البيزنطي, فإنه ينسب إلى ابنه (المنذر بن الحارث الثاني) الفضل بتشييد خزانات المياه فيها, وببناء قصر كبير له, ودار للضيافة خارج سورها الشمالي, تثير ضخامتها شعور الاحترام لهيبته لدى رجال القبائل.

وفي عهد الأمويين, أضحت الرصافة منتجعا صيفيا انتقل إليه الأمير (هشام بن عبد الملك من قصر الحير) , وأسهم في عمرانها وازدهارها بتشييد قصرين, فعرفت آنذاك باسم: (رصافة هشام) , وبعدما انتصر العباسيون على الأمويين, نجا الأمير عبد الرحمن بن معاوية من الموت, لأنه اختبأ عند جماعة من الأعراب على ضفة نهر الفرات بشمال سورية, ثم انتقل سرّا للأندلس وهو في التاسعة عشرة من العمر, حيث أسس دولة جديدة للأمويين فيها. بعد نهاية حكم الأمويين في سورية, تابعت (الرصافة) ازدهارها حتى بداية القرن العاشر الميلادي, وقد هدمت إبان غزوات التتار كليا.