للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب هذا التحول]

ولعلنا نستطيع أن نرجع هذا التحول الخطير إلى سببين أساسيين: هما:

١ - الخطأ في مفهوم الإنسان لوجوده ووظيفته في هذه الحياة.

٢ - تصور المسلم الشعائر التعبدية غايات لا وسائل.

فقد أوضح الله للناس سنته في خلقه فقال سبحانه:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (١).

وقال أيضا: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٢).

وليس بعد هذه السنة الكونية القاطعة قول لحكيم ولا تعليل لخبير. . . فبعد أن كان مفهوم المسلم أنه ما خلق في هذا الكون إلا ليعبد الله عز وجل، ويحقق كمال العبودية في طاعته وخضوعه. . .

نسي هذه الغاية، وجهل تلك الوظيفة، وتشبه بالحيوانات فجعل أكبر همه في هذه الحياة طعامه وشرابه وشهوته. . .

فغفل عن الكرامة التي أكرمه الله بها، وجحد نعمة العقل والتكليف، فتغير مفهومه لهذه الحياة. . . وتبعا لهذا التغير تغير كل شيء:

{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (٣) وبدلا من أن تكون الشعائر التعبدية عند المسلم وسائل تربوية، ومدارس تدريبية، يعرج بها المؤمن في


(١) سورة الرعد الآية ١١
(٢) سورة الأنفال الآية ٥٣
(٣) سورة مريم الآية ٥٩