للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٢) إتقانه الفرائض مع الفقه:

ولما كان كثير من الفقهاء من يتقن الأحكام ولا يتقن المواريث - أعني: الفرائض - أو يتقن المواريث ولا يتقن الأحكام، كما قال المغيرة بن مقسم: لما مات إبراهيم النخعي رأينا أن يخلفه الأعمش، فأتيناه فسألناه عن الحلال والحرام فإذا لا شيء، فسألناه عن الفرائض فإذا هو عنده، ثم أتينا حمادا فسألناه عن الفرائض فإذا لا شيء، فسألناه عن الحلال والحرام فإذا هو صاحبه، قال: فأخذنا الفرائض عن الأعمش، وأخذنا الحلال والحرام عن حماد عن إبراهيم (١). .

أقول: لما كان الأمر كذلك اقتضى التنويه إلى أن زيد بن ثابت كان يتقن الفرائض إتقانا تاما إلى جانب إتقانه الحلال والحرام، وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتفوق في الفرائض والمواريث حيث قال عليه الصلاة والسلام: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأشدهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت (٢)». .

وقد عرف الناس ذلك في زيد بن ثابت، حتى قال قبيصة بن ذؤيب: كان زيد بن ثابت رأسا في المدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض (٣). . وقاك الشعبي: غلب زيد الناس على اثنتين: الفرائض والقرآن (٤).، وقال سليمان بن


(١) طبقات ابن سعد ٦/ ٣٣٢
(٢) الترمذي في مناقب أهل البيت، والنسائي برقم ٣٧٩٣ وانظر: طبقات ابن سعد ٢/ ٣٥٩
(٣) الإصابة ٢٨٨٢
(٤) تهذيب التهذيب ٣/ ٣٩٩ والاستيعاب ١/ ١٨٩ وسير أعلام النبلاء ٢/ ٤٣٢