والحملة الرابعة: فكانت إلى أرض بالي، وانتصرت فيها جيوش المسلمين في موقعة قاقمة، وأسروا البطريق تخلى أمنوت، وكان فارسا شجاعا، أسره الأمير أبو بكر قطين، كما انتصرت جيوش المسلمين في موضع يسمى " زله " في طريق " أدل جلات " وفي هذه الموقعة يروي المؤلف قصة طريفة عن البطريق " وناج جان " وكان مسلما أسره الملك ونصره كرها وبطرقه وولاه أرض بالي، فقوي شأنه وكثر خيله وأطاعه العسكر، وفي يوم من الأيام جمع البطارقة - وكانوا ستين بطريقا - كل بطريق له جيش من فرسان ورجاله، وأجلسهم في بيته وأتاهم بشراب عتيق من الخمور المسكرة فشربوا فلما سكروا استشار وناج جان هذا صاحبا له اسمه دل بيسوس، وكان نصرانيا لكنه أسلم بعد، قال له جان: الآن ماذا نفعل بهم، الحمد لله قد وقعوا في أيدينا، فقال دل بيسوس: نشدهم كتافا ونذبحهم جميعا ذبح الغنم، فأمر صبيانه فدخلوا عليهم وذبحوهم جميعا وأخذوا خيولهم، وأرسل يبشر السلطان محمد في بر سعد الدين ويقول له: أنا عبدك فعلت بالكفرة وغدرت بهم وأخذت الثأر منهم فأدركني، وقال وناج جان لأهل بالي: أسلموا وإلا فعلت بكم ما فعلت بمقادمتكم البطارقة، فأسلموا جميعا، ولكن بطانة السلطان هبطت عزمه على نجدة وناج جان فتراخى زمنا، فأرسل إليه ولده سيموا يستعجله فبكى السلطان وسار من يومه إلى بالي ولكن جيوش الحبشة كانت قد هاجمت وناج جان واضطرته إلى الفرار بحريمه نحو بلاد المسلمين، فلما وصل نهر ألوس أدركه الموت، وقبره معروف مشهور.
ووصل السلطان وعلم بموته فبكى ومهد البلاد ثم عاد إلى بلده ومعه سيمول وحريم وناج جان - وفي حرب تالية بين السلطان محمد والحبشة أسرت الحبشة سيموا بن وناج ونصروه وبطرقوه موضع أبيه وها هو يقود جيوش الحبشة في وجه الإمام أحمد وجيوشه في طريق " دل باد " وبكيدة، ولكن السلطان ينتصر أخيرا ويعود إلى هرر بغنائم كثيرة ففرقها على أصحابه ومصارف الفيء، وبقي في هرر نحو شهرين.