٥ - تسابق الصحابة - رضي الله عنهم - وتنافسهم في الجهاد
بالأموال والأنفس في سبيل الله متحدين الصعاب بلا ضجر أو ملل
لقد كان الصحابة يبادرون ويسابقون في الطاعات، بل ويتنافسون في ذلك، ومن أمثلة ذلك:
ما فعله الفقراء إذ جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهم: أبو ذر، وأبو الدرداء، رضي الله عنهم، فقالوا: «ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون قال: ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله، تسبحون، وتحمدون، وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين. . . . (١)» الحديث.
وظاهر أنه لم يأت بهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - الحسد لإخوانهم الأغنياء، لا بل جاء بهم حب المبادرة، والرغبة في السبق والمنافسة في فعل الطاعات، فهم يريدون أن يلحقوا بإخوانهم ليحرزوا من الأجر ما أحرزوه، وهكذا يوجههم الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يحقق رغبتهم ويخفف ما بهم، من غير أن يوجههم إلى المنافسة في الدنيا وجمع الأموال، وإن كان بغرض التصدق والطاعات.
" وهؤلاء الأوس والخزرج، كانوا في الجاهلية يتنافسون في العداوة، والبغضاء، والحروب، والثارات، فكان مما صنع الله به لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أنهما أصبحا بعد الإسلام يتصاولان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصاول الفحلين، لا تصنع
(١) صحيح البخاري " الأذان " (٢/ ٣٢٥)، صحيح مسلم " المساجد " (١/ ٤١٦ - ٤١٧).