للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلخيص

لعل القارئ قد تنبه إلى أن ما سبق لم يتضمن آراء تقبل الجدل حولها والحكم عليها بالصحة أو الخطأ، وإنما تضمن تسجيل وقائع، ولا سبيل إلى تكذيب هذا التسجيل لأنه كما يلاحظ القارئ مدعوم بالتوثيق وإذا فيمكن للكاتب بكل اطمئنان أن يقول بأن ما تقدم يكشف الحقائق الآتية:

(١) إن الربا ليس مفهوما غامضا وإنما هو معاملة معروفة، استقر في الضمير الخلقي للإنسان (منذ أقدم العصور) كراهيته واعتباره عملا غير أخلاقي.

(٢) إن هذا المفهوم ليس شيئا غير ربا النسيئة حيث يدفع الممول المال لطالب التمويل لأجل بشرط أن يرده بزيادة في مقابل الأجل.

(٣) الربا بهذا المفهوم حرمته الشرائع السماوية الموسوية والمسيحية والإسلام، وذلك بمختلف صوره ومهما كان حجمه.

(٤) الربا بهذا المفهوم هو الذي ارتكبته اليهود مع الناس من غيرهما، وذمهم الله به، وكانوا به موضوعا للكراهية والتعيير والسخرية من قبل الناس: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (١).

(٥) إنه حتى بعد أن انتصرت العلمانية - ممثلة في الثورة الفرنسية - على الكنيسة وقوانينها، وأباحت الربا فإنها لم تبحه إلا في حدود ضيقة، وقد سمحت لها بذلك الفكرة العامة التي تعتنقها العلمانية عن نسبية القيمة الخلقية، ومع ذلك فإنها لم تستطع أن تتحرر تماما من كراهية الربا المغروسة في الضمير الإنساني، فظلت قوانينها الجنائية تعتبر التعامل بما يزيد على الحد الذي تسمح به نصوص القوانين من الربا جريمة تعاقب بعقوبات الجرائم.

(٦) الدكتور السنهوري الذي تولى صياغة النصوص التي تسمح بالفائدة في حدود معينة في القوانين المدنية: المصري والسوري والليبي والعراقي عندما قام بشرح هذه النصوص لم يسمح له احترامه للعقل والمنطق أن


(١) سورة النساء الآية ١٦١