للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتجنب تسمية الفائدة باسمها وأن يخفي طبيعتها، فوصفها بأنها ربا سمح به القانون على سبيل الاستثناء مع بقاء اتجاهه العام في كراهية الربا، ومحاولة تضييق دائرته، ولا بد أن يقارن القارئ الواعي هذا الاتجاه للدكتور السنهوري باتجاه بعض إخواننا الطيبين الذين يفزعهم أن تسمى الفائدة باسمها، ويزعجهم أن يواجهوا بأن الفائدة البنكية هي ربا النسيئة، إن ربا النسيئة ليس مجالا للرأي والاجتهاد والخلاف وإنما هو محرم بالنصوص القاطعة الثبوت القاطعة الدلالة كما هو محرم بالإجماع، وأنه إذا كان قد نقل عن بعض الصحابة الخلاف في بعض الأنكحة الفاسدة كنكاح المتعة أو نقل عن بعض الأئمة خلاف في تحريم خمر الشعير أو التفاح، أو نقل خلاف حول ربا الفضل أو بعض المعاملات الأخرى؛ فإنه لم ينقل عن أحد طوال ثلاثة عشر قرنا خلاف على تحريم ربا النسيئة، بل إن الأمة متفقة على أن تحريم ربا النسيئة معلوم من الدين بالضرورة، يكفر مستحله، وإنه إذا لم يتب مستحله من المسلمين بعد استتابته فيقتل مرتدا.

(٧) في الفترة الماضية وبسبب ظروف سياسية وثقافية وغيرها، سيطرت على المثقف المسلم تصورات مبنية على الأوهام عن نظام الفائدة الربوي، ولكن التاريخ لا يقف والحياة تمضي قدما، والأوهام أعجز من أن تثبت في مواجهة الوعي، فهيأ الله روادا عنوا باكتشاف الحقائق وتقديمها وتقدمت كوكبة من صالحي المسلمين الذين درسوا الاقتصاد الرأسمالي في بلاد الغرب، واكتشفوا أسراره، وتحرروا من رهبة المجهول، ثم انصرفوا لموروثهم الثقافي، فاكتشفوا إمكانيات عظيمة كفيلة بأن يبني عليها العالم الإسلامي اقتصادا ناميا سليما إذا توفرت لديه القدرة والجرأة على الانتفاع بإمكانياته المتاحة المادية والمعنوية. ثم قامت المؤسسات المالية التطبيقية - وكان من المنتظر أن تواجه بالعقبات والتجارب الفاشلة - التي تواجه عادة من يشق أرضا مجهولة جديدة، ولكن الله الذي وعد من يتقيه بأن يجعل له من أمره يسرا، ووعد من ينصره بالنصر، هيأ