للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوقفة الحادية عشرة:

مع معاني (لولا):

تستعمل " لولا " في كتاب الله تعالى على أحد معان ثلاثة؛ أولها: أن تكون حرف امتناع لوجود، وهو أكثر معانيها، وحينئذ يليها الاسم، كقوله تعالى في هذه الآيات: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١)، فامتنع وقوع العذاب بالخائضين في الإفك لوجود فضل الله تعالى ورحمته. وقد يحذف الجواب لدلالة الكلام عليه، كقوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢)؛ إذ التقدير: لعاجلكم بالعقوبة.

والثاني: أن تكون للتحضيض، وحينئذ يليها الفعل ولو تقديرا، كقوله تعالى هنا: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٣)؛ أي: هلا جاؤوا بأربعة شهداء يشهدون على صحة ما قالوا! وقوله تعالى: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} (٤)؛ فإن التقدير: هلا ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا إذ سمعوه! وإنما قدم الظرف على عامله اهتماما بمدلوله.


(١) سورة النور الآية ١٤
(٢) سورة النور الآية ٢٠
(٣) سورة النور الآية ١٣
(٤) سورة النور الآية ١٢