للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: بيان حقيقة لفظ "الأم " و" القرآن ":

أما الأم فيقال: هي أصل الشيء، فمنه أم الإنسان، لأنها أصله الذي خرج منه، ومكة أم القرى لأنها أصل القرى، لما ذكر من أنها دحيت من تحتها (١)، فيقال إن الأرض كانت رابية حيث هي مكة، ثم بسطت من هناك قال الله -عز وجل-: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (٢). {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا} (٣). {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} (٤). وأشباه ذلك. ويقال للأرض أم البشر، لأنها أصله، منها خلق، ومنه قوله -عز وجل-: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} (٥)، {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} (٦). وفي شعر أمية:

والأرض منشأنا , وكانت أمنا ... منها حقيقتنا , وفيها نولد (٧)

وكذا قوله تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} (٨) أي يلازم الهاوية ملازمة الطفل أمه التي هي أصله. وقيل: هذا من قولهم: هوت أمه، دعاء عليه (٩)، ولعل أصله أن يتنكس على أم رأسه.


(١) ينظر الطبري ١/ ٣٧، والقرطبي ١/ ١١٢، والمفردات- أم.
(٢) سورة النازعات الآية ٣٠
(٣) سورة الذاريات الآية ٤٨
(٤) سورة نوح الآية ١٩
(٥) سورة نوح الآية ١٧
(٦) سورة ص الآية ٧١
(٧) في القرطبي ١/ ١١٢، ٢٠/ ١٦٧ فالأرض معقلنا .. وفيه ديوان أمية ٢٨ فالأرض معقلنا .... .
(٨) سورة القارعة الآية ٩
(٩) ينظر مجمع الأمثال ٢/ ٣٩٠