لقد أشاع هذا الاستعمار، أن الدين والعسكرية على طرفي نقيض، وأن المتمسك بدينه متخلف لا يمكن أن ينجح في مسلكه العسكري، فعليه إما أن يترك دينه، أو يتخلى عن عسكريته.
وأن من صفات العسكري الممتاز، أن يكون فاسقا فاجرا، يعاقر الخمر، ويلعب القمار، ويصادق الغيد الحسان.
وقد سألني آمر سريتي في أول لقاء به: هل تعاقر الخمر؟ هل تلعب القمار؟ هل تغازل الفتيات؟ فلما أجبته بالنفي قال لي: لماذا تعيش إذن؟ الأفضل أن تموت.
وقد تحمل العسكريون المتدينون - وهم قلة قليلة - ما تحملوا من عناء ليبقوا في مسلكهم العسكري، وأكثرهم تخلوا عن العسكرية، أو جرفهم التيار الوسخ، وأقلهم ثبتوا على عقيدتهم بعد جهد جهيد.
وكان من يمارس الصلاة والصوم من العسكريين ويطبق تعاليم الدين الحنيف ثقيل الظل غير مريح.