واجهت الدعوة الإسلامية منذ ظهورها صراعا قويا مع الباطل وأهله، وتنوع هذا الصراع ليشمل الجبهتين الداخلية والخارجية، ومع ضراوة المعركة وشدتها على الجبهة الخارجية التي تزعمها مشركو مكة ومن سار في دربهم، إلا أن الخطر كان أعظم مع العدو المستخفي المندس في المجتمع المدني والذي أظهر الإيمان تقية وحفاظا على المكتسبات المادية والمعنوية مع عداوته الباطنية للدعوة وصاحبها صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه، إنه الخطر الذي مثله المنافقون على الجبهة الداخلية زرعا للفتنة وإيقاظا لدعاوى الجاهلية وتشويها للحقائق، وإرجافا وتخويفا وإثارة للشكوك والشبهات، وسعيا للفساد والإفساد، حتى قال الله تعالى فيهم:{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}(١). وحديث الإفك جولة من جولات تلك المعركة الداخلية التي شنها المنافقون ضد الدعوة الإسلامية وأهلها، وقد قصدوا من ذلك تحقيق أهداف عدة؛ منها:
أ. الطعن في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ تشويها للدعوة وأصحابها وتنفيرا منها، ويؤيد هذا قول ابن أبي حين رأى صفوان بن المعطل آخذا بزمام ناقة عائشة: امرأة نبيكم باتت مع