للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - المقارنة بين الربا والصدقة:

قد جعل الله سبحانه الربا ضد الصدقة فالمرابي ضد المتصدق، قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} (١)، وقال تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (٢)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٣) {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (٤)، ثم ذكر الجنة التي أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء (٥).

فالمتصدق ضد المرابي؛ لأن المتصدق يحسن إلى الناس والمرابي يظلم الناس، ولهذا قال سبحانه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (٦) {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (٧) الآيات.

وهكذا تساق آيات الربا بعد آيات الصدقة في القرآن لما بين المتصدقين والمرابين من التضاد، ليتفكر المسلم في صفات الفريقين وجزاء كل منهما، وليقارن بين آثارهما على المجتمع، فالمتصدق يعطي المال بغير عوض يقابله، والمرابي يأخذ المال بغير عوض يقابله، المتصدق يوسع على المحتاجين ويفرج كرب المكروبين، والمرابي يضيق على المحتاجين وينتهز فرصة عوزهم ليثقلهم بالديون فيزيدون كربة إلى كربتهم، المتصدق قد وقاه الله شح نفسه فانتصر عليها، والمرابي قد تملكه الجشع وأهلكه الشح كما أهلك من قبله فاستحل محارم الله بأدنى الحيل.


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٦
(٢) سورة الروم الآية ٣٩
(٣) سورة آل عمران الآية ١٣٠
(٤) سورة آل عمران الآية ١٣١
(٥) الربا والمعاملات في الإسلام.
(٦) سورة البقرة الآية ٢٧٤
(٧) سورة البقرة الآية ٢٧٥