ثم هناك حد المسكر في أي لون من ألوانه، فالخمر ما خامر العقل واختلط به سواء كان من عصير العنب أو غيره كالحشيش والأفيون والكوكايين وغيرهما مما لا أعرف له حصرا.
فحده ثمانون جلدة؛ لأن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار الصحابة في حد الخمر، فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعله كأخف الحدود ثمانين، وكتب إلى خالد بن الوليد عامله على الشام وإلى أبي عبيدة، رواه الدارقطني وغيره.
هذا ولقد هداني البحث إلى مطالعة كلمة كتبها صاحب كتاب (جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية) الأستاذ عبد الله بن عبد المحسن المنصور الطريقي في رده على من يوجه النقد لعقوبة الجلد فقال:
قد يقال إن هذه العقوبة تنافي الآدمية وتهدر الإنسانية وتتعارض مع تقدم المدنية إلى غير ذلك من الأقوال.
والجواب: أن عقوبة الجلد تمتاز بأنها موجهة إلى حساسية الجاني المادية، وأن الخوف من ألم الجلد هو أول ما يخافه المجرمون، فيجب الاستفادة من ذلك بإرهابهم، وأما إنقاص الاحترام الإنساني ففكرة لا محل لها في العقاب، ولا يصح أن يحتج بها لمن لا يوفر الاحترام لنفسه، وزيادة على ذلك فإن الأساس في هذه العقوبة أنها لا تكون للإتلاف، وإنما تكون بالقدر اللازم للردع والزجر تبعا لاختلاف الجرائم والأشخاص والأحوال، وإذا كان مستساغا أن يكون الإعدام نفسه جزاء لبعض الجرائم تعترف به غالبية الدول وهو لا يهدر آدمية الشخص فقط، بل يهدر حياته ويستأصله من المجتمع جزاء ما اكتسب من جرم. فإذا كان الأمر كذلك فأي كلام يقال في عقوبة الجلد يمكن أن يوجه أكثر منه لعقوبة الإعدام.