لما كان المال المغلول من المكاسب التي حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم رأيت أن أكتب بعض ما قاله العلماء فيه.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى (حديث آخر) قال أحمد حدثنا أبو سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثنا صالح بن محمد بن زائدة عن سالم بن عبد الله أنه كان مع مسلمة بن عبد الملك في أرض الروم فوجد في متاع رجل غلولا قال: فسأل سالم بن عبد الله فقال حدثني أبي عبد الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من وجدتم في متاعه غلولا فأحرقوه (١)»
قال: وأحسبه قال (واضربوه) قال: فأخرج متاعه في السوق فوجد فيه مصحفا فسأل سالما؟ فقال بعه وتصدق بثمنه. وكذا رواه علي بن المديني وأبو داود والترمذي من حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي. زاد أبو داود وأبو إسحاق الفزاري كلاهما عن أبي واقد الليثي الصغير صالح بن محمد بن زائدة به، وقال علي بن المديني والبخاري وغيرهما: هذا حديث منكر من رواية أبي واقد هذا، وقال الدارقطني: الصحيح أنه من فتوى سالم فقط، وقد ذهب إلى القول بمقتضى هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل ومن تابعه من أصحابه. وقد رواه الأموي عن معاوية عن أبي إسحاق عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: عقوبة الغال أن يخرج رحله فيحرق على ما فيه. ثم روى عن معاوية عن أبي إسحاق عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن علي قال:(الغال يجمع رحله فيحرق ويجلد دون حد المملوك ويحرم نصيبه). وخالفه أبو حنيفة ومالك والشافعي والجمهور فقالوا: لا يحرق متاع الغال، بل يعزر تعزير مثله: وقد قال البخاري وقد
(١) سنن أبو داود الجهاد (٢٧١٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٢)، سنن الدارمي السير (٢٤٩٠).