للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الغال، ولم يحرق متاعه والله أعلم (١) انتهى المقصود مما ذكره ابن كثير رحمه الله تعالى.

وعند تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٢)

ذكر القرطبي رحمه الله تعالى حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال: «لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك (٣)». . .) الحديث.

ومن كلام القرطبي على هذا الحديث قال:

الرابعة: وفي هذا الحديث دليل على أن الغال لا يحرق متاعه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرق متاع الوجل الذي أخذ الشملة، ولا أحرق متاع صاحب الخرزات الذي ترك الصلاة عليه " ولو كان حرق متاعه واجبا لفعله صلى الله عليه وسلم ولو فعل لنقل ذلك في الحديث، وأما ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وجدتم الرجل قد غل فاحرقوا متاعه واضربوه (٤)» فرواه أبو داود والترمذي من حديث صالح بن محمد بن زائدة وهو ضعيف لا يحتج به. قال الترمذي: سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا صالح بن محمد وهو أبو واقد الليثي، وهو منكر الحديث.

وروى أبو داود أيضا عنه قال: (غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد العزيز بن عمر وعمر بن عبد العزيز، فغل رجل متاعا فأمر الوليد بمتاعه فأحرق وطيف به ولم يعطه سهمه، قال أبو داود: وهذا أصح الحديثين، وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه. قال أبو داود


(١) تفسير ابن كثير، جزء (١)، صفحة ٤٢٣.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٦١
(٣) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٧٣)، سنن أبو داود الزكاة (١٦٥٨).
(٤) سنن الترمذي الحدود (١٤٦١)، سنن أبو داود الجهاد (٢٧١٣)، سنن الدارمي السير (٢٤٩٠).