للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأدلة الشرعية على منع المخدرات]

١ - تمهيد: لا بد من الحديث عن الخمر أولا، لأنها أسبق ما عرف من المشروبات والمطعومات التي تغتال العقل، وتفسد على من يتعاطاها دينه، وتفتك ببدنه وتذهب بماله، ولأن المخدرات تسمى كلها أو بعضها في نظر بعض الباحثين خمرا، فتدخل في عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كل مسكر خمر (١)». وفي عموم ما جاء عن عمر رضي الله عنه، وقد ذكر عدة أشياء وحكم أنها من الخمر، ثم قال: والخمر ما خامر العقل. أي: غطاه، فالربط قوي واضح بين هذه المخدرات والخمر، وعلى تقدير أنها لم تدخل في عموم اسم الخمر على ما اتجه إليه بعض الفقهاء، وستراه في هذه الدراسة إن شاء الله، فإن الصلة بينها وبين الخمر قوية إذ لا أقل من أنها تحقيق قيام الوصف المقتضي للتحريم بها قياسا واضحا جليا، ولهذا حكم ابن تيمية (٢) وغيره بأن للحشيش من المخدرات أحكام المسكرات الأساسية المتخذة من عصير العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد، وهذه الأحكام ثلاثة التحريم والنجاسة والحد على متعاطيها، وذلك لأنه عندهم مسكر كالخمر.

على أن النظرة إلى الخمر في هذا المقام إنما هي نظرة إجمالية لا بد منها لتوضيح أحكام المخدرات في ضوئها فقط، وليست نظرة تفصيلية تقسم


(١) صحيح مسلم الأشربة (٢٠٠٣)، سنن الترمذي الأشربة (١٨٦١)، سنن أبو داود الأشربة (٣٦٧٩)، سنن ابن ماجه الأشربة (٣٣٩٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٩٨).
(٢) انظر مجموعة الفتاوى جـ / ٣٤ ص ٢٠٤ وما بعدها.