فإن علامة المغرب الفيلسوف المؤرخ (عبد الرحمن بن خلدون) المولود بتونس سنة ٧٣٢ هـ، والمتوفى بمصر سنة ٨٠٨ هـ، جدير بأن يظل موضوعا متجددا في دراستنا لإسهامات حضارتنا الإسلامية في التأريخ الحضاري الإنساني.
وقد اشتهر هذا الفيلسوف المسلم (بابن خلدون) نسبة إلى جده خالد بن عثمان، وفقا للطريقة المتبعة في المغرب في إضافة واو ونون زيادة في التعظيم.
ولقد كانت نشأته مثل نشأة أترابه في عصره، ففي صباه حفظ القرآن على والده الذي كان معلمه الأول، كما درس إلى جانب والده على عدد من علماء العصر، وقد عني ابن خلدون بذكر أسماء هؤلاء العلماء، وذكر أهم الكتب التي درسها عليهم، غير أن ابن خلدون قد انقطع عن الدراسة في وقت مبكر بسبب هجرة العلماء والأدباء من تونس بعد وباء جارف سنة ٧٥٠ هـ.
- وكان ابن خلدون حينئذ قد بلغ الثامنة عشرة من عمره، فبدأ يشتغل بالوظائف العامة والسياسة، مع متابعة مستمرة للقراءة والاطلاع والكتابة والتعليم.
وأما حياته العملية فقد بدأها ابن خلدون بوظيفة " كتابة العلامة " أي ديوان الرسائل بتونس، ثم تقلب بعد ذلك في البلاد متوليا المناصب المختلفة، وقاسى كثيرا، بل وعانى الأهوال الشديدة من المؤامرات السياسية، بل شارك فيها أحيانا.