وهكذا أخذ المسجد سبيله في ضبط المسيرة الإسلامية، حتى لقد كانت المساجد في صدر الإسلام تؤدي بجانب رسالتها الدينية عدة مهام، فمن على منابرها تذاع أوامر الدولة وتوجيهاتها وفيها تنعقد مجالس القضاء للحكم بين الناس.
(وقد شاهد ناصر خسرو في جامع عمرو بن العاص -رضي الله عنه- محرري الصكوك والعقود، كما رأى فيه مجلس قاضي القضاة ويقول: إنه كان في الزيادة الغربية من المسجد، كما كان فيها مجلس قاضي الحكم الشافعي، ومجلس القاضي المالكي. . .).
وكذلك عاين ابن رستة، وهو من رجال القرن الثالث الهجري، بيت المال الخاص بحفظ أموال اليتامى في هذا المسجد نفسه، ووصفه بأنه كان أمام المنبر، وأنه شبه قبة عليها أبواب من حديد، ثم نقل إلى صحن المسجد، وحتى اليوم لا يزال البناء الخاص ببيت المال قائما في الجامع الأموي بدمشق، وفي الجامع الكبير بمدينة حماة وإن هو قد خلا من كل مال. . .