للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شبهات المنكرين للنسخ سمعا (١)

١ - شبهة العنانية والشمعونية:

وتتمثل شبهتهم في قولهم: إن التوراة التي أنزلها الله على موسى لم تزل محفوظة لدينا منقولة بالتواتر فيما بيننا وقد جاء فيها (هذه شريعة مؤبدة ما دامت السماوات والأرض) وجاء فيها أيضا (الزموا يوم السبت أبدا) وذلك يفيد امتناع النسخ؛ لأن النسخ لشيء من أحكام التوراة - لا سيما تعظيم يوم السبت - إبطال لما هو من عنده تعالى وتدفع هذه الشبهة بوجوه خمسة:

أولها: إن شبهتهم هذه أقصر من مدعاهم قصورا بينا؛ لأن قصارى ما تقتضيه - إن سلمت - هو امتناع نسخ شريعة موسى عليه السلام لشريعة أخرى. أما تناسخ شرائع سواها فلا تدل هذه الشبهة على امتناعه، بل يبعد أن ينكر اليهود انتساخ شرائع الإسرائيليين قبل اليهودية بشريعة موسى. فكان المنظور أن تجيء دعواهم أقصر مما هو محكي عنهم بحيث تتكافأ ودليلهم الذي زعموه، أو أن يجيء دليلهم الذي زعموه أعم من هذا حتى يتكافأ ودعواهم التي ادعوها.

ثانيها: إنا لا نسلم لهم ما زعموه من أن التوراة لم تزل محفوظة في أيديهم حتى يصح استدلالهم بها بل الأدلة متضافرة على أن التوراة الصحيحة لم يعد لها وجود، وأنه أصابها من التغيير والتبديل والتحريف ما جعلها في خبر كان.


(١) نقلنا هذا المبحث بطوله عن مناهل العرفان للزرقاني لدقته وشموله.