اعلم أن الكلام من حيث هو على ضربين: مجمل، ومبين مفضل، والضربان متفاوتان في المراتب، فبعض المجمل أشد إجمالا من بعض، وبعض المبين أشد بيانا من بعض، حتى ينتهي المجمل إلى غاية الإجمال، والمبين إلى غاية البيان، وسبب الإجمال تارة قصور المتكلم عن البيان، وتارة قوة إدراك السامع بحيث يفهم بأدنى إشارة، فيتكل المتكلم على ذلك، فيقتصر على الإجمال. وتارة الأمران: قصور المتكلم وقوة السامع، فلا يبالي المتكلم- كان قاصرا عن البيان أو قادرا عليه، وتارة يعلق المصلحة بالإجمال من إخفاء سر أو امتحان سامع بإدراك معنى خفي، وغير ذلك من الأسباب.
وسبب البيان تارة فصاحة المتكلم وبلاغته، وتارة ضعف فهم السامع، فيحرص المتكلم على إفهامه، وتارة الأمران جميعا، وتارة اهتمام المتكلم بمعنى