للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - غزارة علمه:

قال إبراهيم الحربي: رأيت أحمد بن حنبل فرأيت كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء، وقال أحمد بن سعيد الرازي: ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أبي عبد الله أحمد بن حنبل.

وقال أبو عاصم: ليس ثمة ببغداد إلا ذلك الرجل - يعني أحمد بن حنبل - ما جاءنا من ثم أحد مثله يحسن الفقه، وقال الخلال: كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها.

وكان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم فتكلم عن معرفة، وقال أبو زرعة كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث (١) فقيل له وما يدريك، قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب (٢) وقال ابن الجوزي: وقد كان أحمد يذكر الجرح والتعديل من حفظه إذا سئل عنه كما يقرأ الفاتحة - ومن نظر في كتاب العلل لأبي بكر الخلال عرف ذلك، ولم يكن لأحد من بقية الأئمة، وكذلك انفراده في علم النقل بفتاوى الصحابة وقضاياهم وإجماعهم واختلافهم لا ينازع في ذلك، وأما علم العربية فقد قال أحمد كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو الشيباني، وأما القياس فله من الاستنباط ما يطول شرحه (٣) وقال الإمام ابن الجوزي: واعلم أنا نظرنا في أدلة الشرع وأصول الفقه، وسبرنا أحوال الأعلام المجتهدين، فرأينا هذا الرجل أوفرهم حظا من تلك العلوم، فإنه كان من الحافظين لكتاب الله - عز وجل - قال أبو بكر ابن حمدان القطيعي: قرأت على عبد الله بن أحمد بن حنبل قال لقنني أبي أحمد بن حنبل القرآن كله باختياره وقرأ ابن حنبل على يحيى بن آدم وعبيد بن الصباح وإسماعيل بن جعفر وغيرهم بإسنادهم.


(١) يعني مليون حديث.
(٢) مناقب الإمام أحمد في الصفحات (٨٥، ٨٩، ٩٠).
(٣) المدخل للشيخ عبد القادر بن بدران ص ١٠٥.