للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - التفكر في المتقابلات: خلق الله - تبارك وتعالى - في هذا الكون من المتقابلات والأضداد ما يدل على كمال قدرته وبديع صنعه، فالليل والنهار، والشمس والقمر، والسهل والوعر، والماء العذب والماء المالح، والذكر والأنثى، آيات ودلالات وعبرة لمن يعتبر، قال الله تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (١).

ولقد من الله تعالى على الإنسان بأن خلق له زوجا يسكن إليها كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} (٢) وبين تعالى تمام رحمته ولطفه بعباده. بما جعل بين الزوجين من المودة والرحمة، قال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (٣) ثم دعا عباده إلى التفكر في ذلك في ختام الآية ليعتبر ويتعظ من أحيا الله قلبه، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٤).

قال ابن جرير: (يقول تعالى: إن في فعله ذلك لعبرة وعظات لقوم يتذكرون في حجج الله وأدلته فيعلموا أنه الإله الذي لا يعجزه شيء أراده ولا يتعذر عليه فعل شيء شاءه) (٥).

والتفكر والنظر في تلك الدلائل هو الذي يجلي كنهها ويزيد


(١) سورة الذاريات الآية ٤٩
(٢) سورة الروم الآية ٢١
(٣) سورة الروم الآية ٢١
(٤) سورة الروم الآية ٢١
(٥) ابن جرير: جامع البيان، ج٢١، ص ٣١