المسألة الثالثة: في بيان ما يختص به ذلك من البائعين عند القائلين بالتسعير
سبق الخلاف في التسعير وهذه المسألة مبنية على قول القائلين بالتسعير وقد بسط الكلام عليها الباجي - رحمه الله - فقال: لا خلاف في أن ذلك حكم أهل السوق والباعة وأما الجالب ففي كتاب محمد لا يمنع الجالب أن يبيع في السوق دون بيع الناس وقال ابن حبيب لا يبيعون ما عدا القمح والشعير إلا بمثل سعر الناس وإلا رفعوا كأهل الأسواق وجه ما في كتاب محمد أن الجالب يسامح ويستدام أمره ليكثر ما يجلبه مع أن ما يجلب ليس من أقوات البلد وهو يدخل الرفق عليهم بما يجلب فربما أدى التحجير عليه إلى قطع الميرة والبائع بالبلد إنما يبيع أقواتهم المختصة بهم ولا يقدر على العدول بها عنهم في الأغلب ولهذا فرقنا بينهما في الحكرة وقت الضرورة ووجه ما قاله ابن حبيب أن هذا البائع في السوق فلم يكن له أن يحط عن سعره لأن ذلك مفسد لسعر الناس كأهل البلد قال فأما جالب القمح والشعير فقال ابن حبيب يبيع كيف شاء إلا أن لهم في أنفسهم حكم أهل السوق وإن أرخص بعضهم تركوا إن قل من حط السعر وإن كثر المرخصون قيل لمن بقي إما أن تبيع كبيعهم وإما أن ترفع.
(مسألة) إذا ثبت ذلك فإن كان البائع للطعام من أهل السوق هل يمنع من بيعه في داره بسعر السوق وقال ابن حبيب وينبغي في الطعام أن يخرج إلى السوق كما جاء الحديث ووجه ذلك أن بيعه في الدور إعزاز له وسبب إلى غلائه وتطرق لبيع البائع كيف شاء بدون سعر أهل السوق إذا لم يعرف له ذلك في السوق فإن كان جالبا فليبعه في السوق أو في الدار إن شاء على يده (١).