للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الرحمن بن قدامة: وكان مالك يقول لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع الناس بع كالناس وإلا فاخرج عنا (١) وقال في الإنصاف وفي وجه لا يحرم (٢) وقال أيضا وأوجب الشيخ تقي الدين إلزامهم المعاوضة بمثل الثمن وقال لا نزاع فيه لأنها مصلحة عامة لحق الله تعالى (٣).

واستدل لهذا القول بما روى الشافعي وسعيد بن منصور عن داود بن صالح الثمار عن القاسم بن محمد عن عمر - رضي الله عنه - أنه أمر بحاطب بن أبي بلتعه في سوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب فسأله عن سعرهما فسعر له مدين بكل درهم فقال له عمر: قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك فإما أن ترفع السعر وإما أن تدخل زبيبك فتبيعه كيف شئت.

ويجاب عن هذا بثلاثة أجوبة:

الأول: أن هذا الاجتهاد من عمر - رضي الله عنه - في مقابل نص وهو ما يدل على امتناعه - صلى الله عليه وسلم - عن التسعير ولا اجتهاد مع النص.

الثاني: أن عمر - رضي الله عنه - رجع عن قوله هذا قال ابن قدامة فأما حديث عمر فقد روى فيه سعيد والشافعي أن عمر لما رجع حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره فقال إن الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء، وإنما هو شئ أردت به الخير لأهل البلد فحيث شئت فبع كيف شئت وهذا رجوع إلى ما قلنا أي القول بعدم التسعير انتهى (٤).

الثالث: أن هذا السند عن عمر ضعيف لانقطاعه فإن القاسم لم يدرك عمر - رضي الله عنه - واستدل لذلك من جهة المعنى بأن في ذلك إضرارا إذا زاد وإذا نقص أضر بأصحاب المتاع.

وأجاب ابن قدامة عن ذلك فقال: وما ذكره عن الضرر موجود فيما إذا باع في بيته ولا يمنع منه.

القول الثاني: إنه لا يلزم بأن يبيع كالناس وهذا هو المقدم عند الحنابلة قال في الإنصاف ويحرم قوله بع كالناس على الصحيح من المذاهب (٥) وقال أيضا وكره الإمام أحمد البيع والشراء من مكان ألزم الناس بهما فيه لا الشراء ممن اشترى منه (٦).

ويستدل لذلك بالأدلة على منع التسعير وقد سبقت مع مناقشتها.


(١) الشرح الكبير ومعه المغني / ٤/ ٥١
(٢) الانصاف / ٤/ ٣٣٨
(٣) الانصاف / ٤/ ٣٣٨
(٤) الشرح الكبير ومعه المغني ٤/ ٤٥
(٥) الانصاف / ٤/ ٣٣٨
(٦) المرجع السابق ٤/ ٤٥