للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[احترام الإسلام للعمل]

ومن احترام الإسلام للعمل أن الله تعالى أمر بتخفيف الصلاة، وهي قيام بين يديه تعالى ومناجاة له، وذلك حتى لا يشق على المرضى، وبعض العملة الضاربين في الأرض المسافرين في جهاتها يتاجرون ويبتغون من فضل الله، وجعل ذلك عذرا يدعو إلى التخفيف كشأن القتال في سبيل الله {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (١) قال الألوسي في تفسيره: " في قرن المسافرين لابتغاء فضل الله تعالى بالمجاهدين إشارة إلى أنهم نحوهم في الأجر "، أخرج سعيد بن منصور، والبيهقي في الشعب، وغيرهما عن عمر رضي الله عنه قال: ما من حال يأتيني عليه الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب إلي من أن يأتيني وأنا بين شعبتي جبل ألتمس من فضل الله تعالى، وتلا هذه الآية (٢).

وقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض الأئمة إطالتهم الصلاة إذا كان يعرف من حال المصلين أن منهم مرضى، أو عمالا ومزارعين، وأصحاب نواضح ومهن، لا يستطيعون الغياب عنها طويلا.

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «أقبل رجل بناضحين، وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحيه، وأقبل إلى معاذ فقرأ معاذ سورة البقرة أو النساء، فانطلق الرجل بعد أن قطع الاقتداء بمعاذ، وأتم صلاته منفردا، فبلغ ذلك معاذا، فقال: إنه منافق، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا معاذا فقال:


(١) سورة المزمل الآية ٢٠
(٢) الألوسي، روح المعاني (١٠/ ١٤٢).