للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عهد وميثاق]

ومن حكمة الله سبحانه أنه ما بعث نبيا إلا وقد أخذ عليه وعلى أتباعه العهد أن يؤمنوا بالنبي الذي يأتي بعده ويصدقوه وينصروه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} (١) {فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٢). فقد أخبر الله تعالى أنه أخذ الميثاق من أنبيائه بتصديق بعضهم بعضا، وأخذ الأنبياء على أممهم وأتباعهم الميثاق بنحو الذي أخذ عليها ربها من تصديق أنبياء الله ورسله بما جاءتها به، لأن الأنيباء عليهم السلام أرسلوا بذلك إلى أممهم، ولم يدع أحد ممن صدق المرسلين أن نبيا أرسل إلى أمة بتكذيب أحد من أنبياء الله عز وجل وحججه في عباده، بل كلها - وإن كذب بعض الأمم بعض أنبياء الله بجحودها نبوته - مقرة بأن من ثبتت صحة نبوته فعليها الدينونة بتصديقه، فذلك ميثاق مقر به جميعهم (٣).

آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة وبلغ أي مبلغ، ثم جاء رسول من بعده لا بد أن يؤمن به ولينصره، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته، وها قد بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم، وجاء مصدقا لما بين يديه من الكتاب وقد أخذ الله


(١) سورة آل عمران الآية ٨١
(٢) سورة آل عمران الآية ٨٢
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٥٥٧ بتحقيق محمود شاكر