وللحكم بغير ما أنزل الله آثاره السيئة في حياة الفرد وحياة الأمة، وفساد الحياة كلها.
أ - له آثاره في حياة الفرد بفراغ النفس وانحراف السلوك، فإن النفس البشرية إذا لم تكن عامرة بالإيمان بالله وحده، خاضعة لشريعة مزقتها الأهواء والشهوات، وأورثتها الاضطراب والخلل، والحيرة والفراغ، فالعبد المؤمن يدين لإله واحد، يطيع أمره، ويخضع لسلطانه، فهو يعرف طريقا واحدا يسلكه، ولا تتنازعه قوة أخرى تشده إليها كالعبد الذي يملكه سيد واحد، يتلقى منه أوامره فيتمثلها، يعمل ما يرضيه، ويسير في اتجاه واحد لا ينازعه فيه منازع، فهو مستقر النفس مستريح البال {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}(١) إنهما لا يستويان، فالقلب المؤمن بحقيقة التوحيد يتعلق بإله واحد، يهتدي به ويسير على شرعه ويؤمن بأنه مصدر ما في الحياة من نفع وضر، فإليه يتجه في كل أحواله، ومنه يستمد العون، إنه يسلك اتجاها واحدا لا يزيغ عنه، فيحقق بذلك الاستقامة والطمأنينة والاستقرار.
وخواء النفس من الدين، في فراغها من الانصياع لشريعة الله يبعث فيها الضجر والملل فتنفس عن ضيقها بالانحرافات السلوكية، والشذوذ في المجتمع، وتلك حقيقة يسجلها واقع العالم الحديث، فهذه الدول الراقية. قد استطاعت أن تحقق للإنسان متعة المادة، ولكنها جعلته فارغ الروح، يطارده هذا الفراغ، فيهرب من الحياة الناعمة التي يعيشها، بل يهرب من نفسه التي بين جنبيه، فيلجأ إلى التخلص من ذلك الشقاء بالانتحار الذي يفقده الحياة إلى الأبد، أو بإدمان المخدرات والخمور حتى ينسى الحياة وينسى نفسه بالسكر فترة من الزمن، وتدل إحصائيات هذه الدول على أن الأمراض العصبية وحوادث الانتحار، ونسبة الجريمة والشذوذ ترتفع من سنة إلى أخرى وتزداد من عام لآخر، وحين يفقد أحدهم وسيلة الهرب من الحياة يلجأ إلى الشذوذ والخروج عن مظاهر المجتمع، وليست ظاهرة " الهيبز " و " الخنافس " سوى التعبير عن هذه الحقيقة المرة.
ب - وللحكم بغير ما أنزل الله آثاره السيئة في حياة الأمة، وكيان المجتمع، لأن الأمة التي تعيش بلا ضمير ديني لا يحول القانون الوضعي بينها وبين ارتكاب الجريمة والفساد في الأرض.