المطلب الثاني: الأصل الثاني: مراعاة مقصد الشرع وحكمة التشريع.
إن القاضي والمفتي وهما يقومان بتنزيل الحكم على الواقعة عليهما مراعاة مقاصد الشرع وحكمته، فالشرع له مقاصد في الأحكام، سواء كانت هذه المقاصد عامة أم خاصة أم جزئية، وإذا كانت معرفة مقاصد الشرع في مجال تفسير الأحكام الكلية من الأهمية بمكان، فإن معرفتها عند تنزيل الأحكام على الوقائع لا يقل أهمية عن ذلك، فهي تعين القاضي - وكذا المفتي - على تحديد وصف الواقعة ابتداء، كما ترجح بعضها على بعض عند تعدد الاحتمالات فيها، ذلك أن تنزيل الحكم الكلي على الأعيان والوقائع مشخصة يتطلب نظرا خاصا يراعى فيه خصوصية الواقعة بأحوالها وظروفها وملابساتها، ومقاصد الشريعة وحكمتها من وراء ذلك تحوطه وتوجهه، فتعين على معرفة قبول المحل للحكم الكلي، أو عدم قبوله لذلك (١).
يقول ابن القيم (ت: ٧٥١هـ): " الشريعة مبناها وأساسها
(١) كتابنا: " توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية " ٢/ ٣١٨.