للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مباحث في القرآن الكريم]

للدكتور

محمد تقي الدين الهلالي

اعلم - علمت خيرا ووقيت ضرا - أن مباحث القرآن وعلومه وفوائده وجواهره وأسراره لا تعد ولا تحصى وليست خاصة بزمان دون زمان، ففي كل زمان يظهر منها شيء كان خافيا من قبل كما قال الشاعر:

يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا

بل كما قال الله تعالى في آخر سورة فصلت: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (١)

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدلائل خارجية في الآفاق من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم، وسائر الأديان.

قال مجاهد والحسن والسدي: ودلائل أنفسهم قالوا: وقعة بدر وفتح مكة، ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم، نصر الله فيها محمدا - صلى الله عليه وسلم - وصحبه وخذل فيها الباطل وحزبه.

ويحتمل أن يكون المراد من ذلك، ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى، وكذلك ما هو مشغول عليه من الأخلاق المتباينة من حسن وقبح وغير ذلك وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله وقوته وحيله وحذره أن


(١) سورة فصلت الآية ٥٣