هذا وقد بين ابن القيم مقصود الحنفية من اتجاههم هذا: بأن هذه الزيادة لو كانت ثابتة مع النص لذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - عقيب ذكره للنص، ولنقلها إلينا من نقل المزيد عليه، إذ غير جائز عليهم العلم بأن الحد مجموع الأمرين ثمن ينقلون بعضه دون بعض، وقد سمعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - يذكر الأمرين، فامتنع حينئذ العمل بالزيادة إلا من الجهة التي ورد منها الأصل، فإذا وردت من جهة الآحاد، فإن كانت قبل النص، فقد نسخها المطلق، عاريا من ذكرها، وإن كانت بعده فهذا يوجب نسخ الآية بخبر الواحد، وهو ممتنع، فإن كان المزيد عليه ثابتا بخبر الواحد، جاز إلحاق الزيادة بخبر الواحد على الوجه الذي يجوز نسخه به، فإن كانت واردة مع النص في خطاب واحد، لم تكن نسخا وكانت بيانا.
وقد رد ابن القيم مقصودهم هذا باثنين وخمسين وجها، بدأها بقوله: إنكم أول من نقض هذا الأصل الذي أصلتموه، فإنكم قبلتم خبر الوضوء بنبيذ التمر، وهو زائد على ما في كتاب الله مغير لحكمه، فإن الله سبحانه جعل حكم عادم الماء التيمم، والخبر يقتضي أن يكون حكمه الوضوء بالنبيذ، فهذه الزيادة بهذا الخبر - الذي لا يثبت - رافعة لحكم شرعي، غير مقارنة له ولا مقاومة بوجه، وقبلتم خبر الأمر بالوتر مع رفعه لحكم.