للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرعي، وهو اعتقاد كون الصلوات الخمس هي جميع الواجب، ورفع التأثيم بالاقتصار عليها، وإجزاء الإتيان في التعبد بفريضة الصلاة، والذي قال هذه الزيادة هو الذي قال سائر الأحاديث الزائدة على ما في القرآن، والذي نقلها هو الذي نقل تلك بعينه أو أوثق منه أو نظيره، والذي فرض علينا طاعة رسوله، وقبول قوله في تلك الزيادة، هو الذي فرض علينا طاعته وقبول قوله في هذه (١).

ثم ذكر الأوجه كلها وختم ذلك بقوله: إنكم تجيزون الزيادة على القرآن بالقياس، الذي أحسن أحواله أن يكون للأمة فيه قولان - أحدهما: إنه باطل مناف للدين، والثاني: إنه صحيح مؤخر عن الكتاب والسنة، فهو في المرتبة الأخيرة، ولا تختلفوا في جواز إثبات حكم زائد على القرآن به، فهلا قلتم: إن ذلك يتضمن نسخ الكتاب بالقياس. فإن قيل: قد دل القرآن على صحة القياس، واعتباره، وإثبات الأحكام به، فما خرجنا عن موجب القرآن، ولا زدنا على ما في القرآن إلا بما دلنا عليه القرآن.

قيل: فهلا قلتم مثل هذا سواء في السنة الزائدة على القرآن، وكان قولكم ذلك في السنة أسعد وأصلح من القياس الذي هو محل آراء المجتهدين وعرضة للخطأ، بخلاف قول من ضمنت له العصمة في أقواله، وفرض الله علينا اتباعه وطاعته. فإن قيل القياس بيان لمراد الله ورسوله من النصوص، وأنه أريد به إثبات الحكم المذكور في نظيره، وليس ذلك زائدا على القرآن، بل تفسير له وتبيين. قيل: فهلا قلتم إن السنة بيان لمراد الله من القرآن، تفصيلا لما أجمله، وتبيينا لما سكت عنه، وتفسيرا لما أبهمه، فإن الله سبحانه أمر بالعدل والإحسان، والبر والتقوى، ونهى


(١) ابن القيم: أعلام الموقعين جـ٢ ص٣١٢ - ٣١٣.