والعجيب أن هذه كانت حال العالم الإسلامي في القرن الثامن الهجري، على حين كانت أوربا تحارب هذه العلوم، وحسبنا من جهل بابا روما أنه أمر بإتلاف جميع المؤلفات التي تبحث في الكيمياء، واعتبر علم الكيمياء نوعا من السحر. ويذكر جلال مظهر في كتابه (أثر العرب في الحضارة الأوربية - نهاية الظلام وتأسيس الحضارة الحديثة): " إن العلماء الذين يشتغلون في تحويل المعادن الرخيصة كالرصاص والقصدير إلى ذهب وفضة كانوا معرضين لحسد العامة من ناحية وغضب السلطان من ناحية أخرى.
فقد أمر بابا روما بإفناء البحوث العلمية المتعلقة بعلم الكيمياء، وقد ذكر ذلك الجلدكي في مؤلفاته ".
ولم يقتصر الجلدكي على علم الكيمياء بل كانت ثقافته واسعة جدا، إذ بحث في مجالات مختلفة مثل الميكانيكا وعلم الصوت والتموج الهوائي والمائي. وأعطى شروحا وتعليقات علمية دقيقة لبعض النظريات الميكانيكية وذلك في كتابة (أسرار الميزان) كما اشتغل بعلمي الطب والصيدلة وله في ذلك إنتاج مرموق واعتمد الجلدكي بدراسته بالظواهر الطبيعية على أساتذته ابن الهيثم والطوسي والشيرازي وغيرهم. يقول عمر رضا كحالة في كتابه (العلوم البحتة في العصور الإسلامية): قال عز الدين أيدمر بن علي بن أيدمر الجلدكي عن التموج الذي يحدث بأن ليس المراد منه حركة انتقال من ماء أو هواء واحد بعينه، بل هو أمر يحدث بصدم وسكون بعد سكون ".