للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب الثاني

إن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثا بلفظ واحد وقعت واحدة دخل بها أو لا.

قال ابن الهمام (١): وقال قوم يقع به واحدة، وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وبه قال إسحاق، ونقل عن طاوس وعكرمة أنهم يقولون خالف السنة فيرد إلى السنة.

قال الباجي (٢): وحكى القاضي أبو محمد في إشرافه عن بعض المبتدعة يلزمه طلقة واحدة. . .، وإنما يروى هذا عن الحجاج بن أرطأة ومحمد بن إسحاق. انتهى المقصود.

قال شيخ الإسلام - في أثناء الكلام على ذكر المذاهب في ذلك (٣) الثالث أنه محرم ولا يلزم منه إلا طلقة واحدة، وهذا القول منقول عن طائفة من السلف والخلف من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل: الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، ويروى عن علي وابن مسعود وابن عباس القولان، وهو قول كثير من التابعين ومن بعدهم مثل: طاوس، وخلاس بن عمرو، ومحمد بن إسحاق، وهو قول داود وأكثر أصحابه، ويروى ذلك عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وابنه جعفر بن محمد، ولهذا ذهب إلى ذلك من ذهب من الشيعة، وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل. اهـ.

قال ابن القيم: (٤): وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. اهـ.

قال المرداوي (٥): وحكى - أي شيخ الإسلام ابن تيمية - عدم وقوع الطلاق الثلاث جملة بل واحدة، في المجموعة أو المتفرقة عن جده المجد وأنه كان يفتي به سرا أحيانا. اهـ.

قال ابن القيم (٦): المثال السابع: أن المطلق في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمن خليفته أبي بكر، وصدر من خلافة عمر كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة. . .، وكل صحابي من لدن خلافة الصديق إلى ثلاث سنين من خلافة عمر كان على أن الثلاث واحدة فتوى أو إقرارا أو سكوتا؛ ولهذا ادعى بعض أهل العلم أن هذا إجماع قديم، ولم تجمع الأمة ولله الحمد على خلافه. بل لم يزل


(١) فتح القدير ٣/ ٦٥.
(٢) المنتقى شرح الموطأ ٤/ ٣.
(٣) مجموع الفتاوى ٣٣/ ٨.
(٤) زاد المعاد ٤/ ١٠٥.
(٥) الإنصاف ٨/ ٤٥٣.
(٦) أعلام الموقعين ٣/ ٣٤، ٢٨، ٢٩.