للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النزاع في شأن الحرف والصوت]

وما ذكر من الأخبار الدالة على نسبة الصوت إلى القارئ فليس هذا محل النزاع، إنما النزاع في أن الله تعالى تكلم بحرف وصوت أم لا؟ ومذهب أهل السنة اتباع ما ورد في الكتاب والسنة، وقد بينا بالأدلة القاطعة أن هذا القرآن الذي عندنا هو كلام الله، وأنه مسموع مقروء متلو محفوظ مكتوب، وكيفما قرئ وتلي وسمع وحفظ فهو القرآن القديم، وقد ذكرنا الآيات والأخبار الدالة على أنه مسموع مكتوب متلو محفوظ، وأما قوله عليه السلام: «إن الله تعالى قال: وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء (١)»

فمعناه -والله أعلم- أن الماء لا يغسله بالكلية فإنه لو غسل من مصحف لم يغسل من بقية المصاحف، ولو غسل من جميعها لم يغسل من صدور الرجال، ولا يزال باقيا في الأرض في صدور الرجال ومصاحفهم حتى تقوم الساعة، ويذهب الخلق والملائكة ولا يبقى إلا الله الواحد القهار، ويحتمل أن هذا معنى قول السلف رحمة الله عليهم في


(١) أخرجه مسلم (٤/ ٢١٩٧) ح (٢٨٦٥).