فعمل ابن خلدون يتسم بالشروط الأساسية لتفسير التأريخ، وهي التي لا يقوم (علم تفسير التأريخ) بدونها.
وهذه الشروط هي:
١ - الشمولية العالمية في النظرة إلى التأريخ، أو حسب تعبير بعضهم:" النظرة الكلية "؛ فالتأريخ المحلي أو النظرة الجزئية المحدودة، لا يمكن أن تشكل أساسا لتفسير التأريخ.
ولا ينتظر أن يستقرئ كل مفسر للتأريخ سائر الأمثلة التي تقدمها الوقائع التاريخية في سائر الحضارات، فذلك عمل، وإن كان هدفا مثاليا، إلا أنه تطبيقه من الصعوبة بمكان كبير.
وحسب مفسر التأريخ أن يقدم شرائح من حضارات مختلفة بحيث تكون نتائجها المستخلصة منها صالحة للتكرار والتعميم.
٢ - العلية، فلا تفسير بدون تعليل، ولن تتحقق العبر واستخلاص السنن والقوانين بدون هذه العلية. وأي فلسفة، في أي علم من العلوم، لا بد أن تعتمد التعليل، وهذا من الفروق الأساسية بين المنهج التأريخي التقليدي والمنهج الحضاري أو منهج تفسير التأريخ.
والتعليل -أيضا- لا بد أن يكون قابلا للتكرار، في أطر حضارية أخرى، ولا بد أن يكون (عاما) شأن سائر القوانين. وأما التعليل الجزئي، الذي يشبه " الحكمة " الخاطفة، فلا يرقى إلى التعليل المطلوب لمفسر التأريخ.
والتعليل التاريخي الذي يعتمده مفسر التأريخ، ليس تعليلا جزئيا - كما