ومضمون هذه المحاولة -كما يلخصه أستاذنا الدكتور عبد الرزاق السنهوري، غفر الله له- بما يأتي: " الأصل في الربا في جميع صوره التحريم، سواء كان ربا الجاهلية أو ربا النسيئة أو ربا الفضل أو ربا القرض، على أن هناك صورة هي أشنع هذه الصور وأشدها استغلالا للمعوز والفقير، وهي الصورة التي نزل فيها القرآن منذرا ومتوعدا؛ صورة الربا الذي تعودته العرب في الجاهلية، فيأتي الدائن مدينه عند حلول أجل الدين، ويقول: إما أن تقضي وإما أن تربي.
والإرباء معناه أن يزيد الدين على المستحق، في مقابل إطالة الأجل، وهذا أشبه بما نسميه اليوم بالفوائد أو الربح المركب، هذه الصورة من الربا في العصر الحاضر هي التي تقابل ربا الجاهلية، وهي محرمة تحريما قاطعا لذاتها، تحريم مقاصد لا تحريم وسائل؛ فهي التي تجر الويل على المدين، وتضاعف رأس المال في سنوات قليلة، وهي الصورة التي محقها الله في القرآن الكريم؛ ومن ثم لا يجوز الربا في هذه الصورة أصلا، بل إن نظرية الضرورة ذاتها لا تتسع لهذا الجواز؛ فإن الضرورة الملحة التي تلجئ كلا من المدين والدائن على التعامل بالربا على هذا النحو الضرورة التي يكون من شأنها أن تبيح الميتة والدم