إن التضخم والانكماش أمر لم يشهده الفقهاء في عصورهم السالفة اللهم إلا ما تحدث عنه السيوطي من عزة الفلوس وغلائها في عصره، وهو ما تعرض له المقريزي في ما كتبه عن التاريخ الاقتصادي لفترته في مصر. ولو أن الفقهاء قيدوا مفهوم الرخص والغلاء بنسبته للذهب أو الفضة لما وجدنا أي فارق مؤثر بين مفهوم الرخص والغلاء الفقهي وبين التضخم المالي في مفهومه المعاصر بل هي معان متطابقة وإن اختلفت الأسماء.
وليس صحيحا ما يراه بعض المعاصرين من التمييز بين ديون لا ترتبط بالقوة الشرائية وديون أخرى ترتبط بها؛ لأن القوة الشرائية هي أساس الثمنية في النقود عامة. واستناد التمييز إلى دين النفقة ووجوب مراعاة الأسعار في تقديره أمر غير دقيق لأن النفقة مقدرة أصلا بحاجات سلعية وليست نقدا إلا بعد تقدير الكمية اللازمة من الطعام والشراب والكساء ثم يعبر عنها بنقود تساوي تلك الحوائج بالقيمة الحاضرة ويراعى فيها القوة الشرائية لا لكونها دينا يرتبط بتلك القوة بل لأنها سلع وخدمات لا بد من تأمينها مهما كانت