أما المانعون من الاختصار فلهم وجهة أخرى، حيث يرى بعضهم أن الاختصار اعتداء على الكتاب، وتشويه لجماله.
ويرى بعضهم أنه يضر بعقل المبتدئ، ويخلط عليه مقاصد العلم، وذلك لعدم تمكن الملكة لديه.
ويرى بعض هؤلاء أن الذين يعمدون إلى الاختصار بقصد تسهيل الحفظ، وتيسير الفهم، فإنهم يقعون في ضد قصدهم من تقصير الملكة العلمية، وحصرها عند المتعلم؛ إذ ينبغي أن يسبق قراءة المختصرات عندهم مراحل يتدرج فيها المتعلم فيبدأ بتلقي الأصول، وأمهات المسائل من كل باب، مع مراعاة قوة عقله، ونضجه، واستعداده للاستيعاب والتحصيل.
وممن يرى هذا الرأي: الجاحظ، وابن خلدون، وياقوت الحموي.
فقد نقل ياقوت الحموي عن الجاحظ أنه صنف كتابا، وبوبه أبوابا، فأخذه بعض أهل عصره، فحذف منه أشياء، وجعله أشلاء، فأحضره وقال له: يا هذا إن المصنف كالمصور، وإني قد صورت في تصنيفي صورة كان لها عينان فعورتهما أعمى الله عينيك، وكان لها أذنان فصلمتهما صلم الله أذنيك، وكان لها يدان