للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقطعتهما قطع الله يديك، حتى عد أعضاء الصورة. فاعتذر إليه الرجل بجهله هذا المقدار، وتاب عن المعاودة إلى مثله (١).

ويقسم ابن خلدون التعليم إلى مراحل ثلاث:

١ - غاية المرحلة الأولى أنها تهيئ الطالب للفهم مع حصول ملكة جزئية في ذلك.

٢ - ثم المرحلة الثانية يعود به المعلم إلى الفن ثانية فيرفعه إلى أعلى من المرتبة الأولى، ويستوفي له الشرح والبيان، ووجوه الخلاف، والاختلاف، فتجود ملكته.

٣ - وفي المرحلة الثالثة يرجع به وقد قويت ملكته فلا يترك عويصا ولا مهما ولا مغلقا إلا وضحه، وفتح له مقفله، فيتخلص من الفن، وقد استولى على ملكته، وقد يحصل للبعض ذلك في أقل من ثلاث تكرارات بحسب حفظه وعقله واجتهاده في ذلك (٢).

ويقف ابن خلدون موقفا شديدا من الاختصار عائبا على كثير من المتأخرين ولعهم في ذلك، ومبالغتهم فيه، مبينا محاذيره وآفاته، حيث يقول في مقدمته الشهيرة: (ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق، والأنحاء في العلوم يولعون بها، ويدونون فيها برنامجا مختصرا في كل علم يشتمل على حصر مسائله، وأدلتها، باختصار في الألفاظ، وحشو القليل


(١) مقدمة معجم البلدان ص ١٤.
(٢) المقدمة لابن خلدون ص ٧٣٤.