للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن، وصار ذلك مخلا بالبلاغة، عسرا على الفهم.

وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون، للتفسير والبيان، فاختصروها، تقريبا للحفظ، كما فعله ابن الحاجب في الفقه، وابن مالك في العربية، وهو فساد في التعليم، وفيه إخلال بالتحصيل، وذلك لأن فيه تخليطا على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه، وهو لم يستعد لقبولها بعد، وهو من سوء التعليم، ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم بتتبع ألفاظ الاختصار العويصة الفهم، بتزاحم المعاني عليها، وصعوبة استخراج المسائل من بينها (١)

أقول: لا شك أن للاختصار فوائد عديدة -سيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى- لكن إذا طغت عيوب الاختصار على فوائده، فقد تلاشت الحاجة إليه.

وكلام ابن خلدون مقبول إذا ألزم المتعلمون في مراحلهم الأولى بأنواع من المختصرات وعرة الألفاظ، بعيدة المعاني، مشتتة التراكيب والضمائر.

أما إذا حبب للمتعلم حفظ بعض المختصرات الجامعة لمهمات المسائل، السهلة الألفاظ والتراكيب، فلا نكر في ذلك.

والمتعلم في مراحله المختلفة يحسن به الجمع بين الحفظ والفهم، دون إثقال وإملال، ولعل الغرض الأهم الذي قصد إليه هؤلاء العلماء


(١) المصدر السابق نفسه، ص (٧٣٣).