الطائفة الثالثة: صدقت بالله إلها حقا، قادرا عليما، وعدلا حكيما، واستدلوا على ذلك بعقولهم، وفطرتهم: فقالوا: إننا إذا تأملنا في أي جهاز من الأجهزة المنظمة كالمذياع (والساعة) مثلا - لا يمكن لعقولنا أن تتصور أن هذا الجهاز نشأ هكذا من غير صانع صنعه، وبنظرنا في هذا العالم نجده قد احتوى على نواميس وقوانين وصنعة في غاية الدقة والحكمة والإتقان، تنبئ بيقين عن صانع قادر حكيم عليم.
وصدقت هذه الطائفة بالبعث أيضا - كما صدقت بالإله - واستدلت كذلك على البعث بقولهم وبفطرتهم: فقالوا: إننا كثيرا ما نرى في هذه الدنيا - طاغيا باغيا ظالما عاتيا، يسفك الدماء، ويهتك الأعراض، ويسلب الأموال، ويعسف بالضعفاء الأبرياء، ثم يموت في أوج عظمته من غير أن ينال جزاءه.
وكثيرا ما نرى - أيضا - ضعيفا، مهيض الجناح، وديع النفس، دمث الخلق، صبورا على البلايا والشدائد، رضيا بالقضاء والقدر، وقد يعتدى عليه فلا