للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ابن سينا]

العلامة الشهير الفيلسوف، أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق.

كان أبوه كاتبا من دعاة الإسماعيلية، فقال: كان أبي تولى التصرف بقرية كبيرة، ثم نزل بخارى، فقرأت القرآن وكثيرا من الأدب ولي عشر، وكان أبي ممن آخى داعي المصريين، ويعد من الإسماعيلية.

ثم ذكر مبادئ اشتغاله، وقوة فهمه، وأنه أحكم المنطق وكتاب إقليدس. . . إلى أن قال: ورغبت في الطب، وبرزت فيه، وقرءوا علي، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه، وأناظر ولي ست عشرة سنة.

ثم قرأت جميع أجزاء الفلسفة، وكنت كلما أتحير في مسألة، أو لم أظفر بالحد الأوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت، وابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المنغلق منه، وكنت أسهر، فمهما غلبني النوم، شربت قدحا. . . إلى أن قال: حتى استحكم معي جميع العلوم، وقرأت كتاب " ما بعد الطبيعة "، فأشكل علي حتى أعدت قراءته أربعين مرة، فحفظته ولا أفهمه، فأيست. ثم وقع لي مجلد لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب " ما بعد الحكمة الطبيعية " ففتح علي أغراض الكتب، ففرحت، وتصدقت بشيء كثير.

واتفق لسلطان بخارى نوح مرض صعب، فأحضرت مع الأطباء، وشاركتهم في مداواته، فسألت إذنا في نظر خزانة كتبه، فدخلت فإذا كتب لا تحصى في كل فن، فظفرت بفوائد. . . إلى أن قال: فلما بلغت ثمانية عشر عاما، فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي اليوم أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي شيء، وصنفت " المجموع "، فأتيت فيه على علوم، سألني جارنا أبو بكر البرقي وكان مائلا إلى الفقه والتفسير والزهد، فصنفت له " الحاصل والمحصول " في عشرين مجلدة، ثم تقلدت شيئا من أعمال السلطان، وكنت بزي الفقهاء إذ ذاك; بطيلسان محنك، ثم انتقلت إلى نسا، ثم أباورد وطوس وجاجرم، ثم إلى جرجان.