للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التأويل في الاصطلاح والفرق بينه وبين التفسير]

والتأويل في الاصطلاح مختلف فيه، فيرى بعض العلماء أن التأويل بمعنى التفسير، وعلى هذا جرى الطبري في تفسيره فتجده يقول: (تأويل قوله تعالى. . . . أو يقول اختلف أهل التأويل) يريد بذلك أهل التفسير، ويرى بعض العلماء أن التأويل مخالف للتفسير، فالتأويل يتعلق بحقيقة ما يؤول إليه الكلام علما أو عملا كما سبق في كلام الراغب، والتفسير يتعلق بالألفاظ وبمفرداتها، وقيل: التفسير القطع بأن مراد الله تعالى كذا، والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون قطع. . . وقيل التفسير ما يتعلق بالرواية، والتأويل ما يتعلق بالدراية (١) ولذا اختلف السلف في الوقف على قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (٢) فمن قال: إن التأويل بمعنى التفسير وقف على قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (٣) أي أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه ببيان معناه لغة وشرح ألفاظه، ومن قال: إن التأويل بمعنى حقيقة ما يؤول إليه


(١) راجع تفسير الألوسي (١/ ٥).
(٢) سورة آل عمران الآية ٧
(٣) سورة آل عمران الآية ٧