وهذه الشريعة السمحة المعطاء لها خصائص وسمات تميزها عن بقية النظم والقواعد التي يحتكم إليها البشر؛ في ظل فترات الرسل وغياب هدى الله عن ساحات العمل وشرود الناس عن المنهج الحق من مختلف النظم الوضعية والمحرفة مما ينسب إلى ديانات حقة، وهذه الخصائص كثيرة ومتعددة بحيث يصعب على الكاتب الإحاطة بها والإلمام بجلها، ولكن الإشارة إلى أهم هذه الخصائص وبعض سماتها ممكن، ويعين على فهم مرادنا في هذا البحث فنقول:
إن من أهم الخصائص التي تميزت بها الشريعة الإسلامية الغراء - مما يجعلها خالدة وصالحة لكل عصر وكل زمان ومكان - ما يلي:
١ - أنها شريعة الله:
إذا كانت الأنظمة والقوانين التي عرفها البشر في صورة عادات وتقاليد وأعراف، أو في ظل سيادة زعامة العشيرة ورئيس القبيلة، أو في حماية ملك مطاع أو سلطان قاهر أو قوانين تصدرها هيئات مخولة أو صفوة من القانونيين أو غيرهم مما يفرزه نظام أو قانون وضعي من صنع الإنسان ووضع البشر، فإن هذه القوانين مهما حاول أربابها تجويدها وتحقيق العدل بها بين الناس وإقامة الحياة بها على اعتدال لا تحقق ذلك، وإنما تأتى عاكسة لقصور البشر ولنقص الإنسان وتأثره بمختلف المؤثرات كما تصور جهله ونزعاته وأهواءه، وبالتالي لا يكون لها في نفوس الناس من التقدير والاحترام إلا بمقدار اتقاء السلطة وعدم الوقوع تحت طائلة الجزاء الدنيوي. أما شريعة الله فإن منزلها هو خالق البشر ومالك أمرهم، وهو المتصف بصفات الجلال والكمال المبرئ من كل عيب أو نقص أو جهل أو هوى، وهو العالم بما يصلح أمر هذا البشر ويحقق لهم الأمن والطمأنينة والسعادة وقد خلقهم سبحانه لغاية وحملهم في الأرض رسالة وكرمهم بذلك على كثير من خلقه، وهو